الباحث القرآني
(p-137)﴿إنَّما مَثَلُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَسُوقٌ لِبَيانِ شَأْنِ الحَياةِ الدُّنْيا، وقِصَرِ مُدَّةِ التَّمَتُّعِ بِها، وقُرْبِ زَمانِ الرُّجُوعِ المَوْعُودِ، وقَدْ شُبِّهَ حالُها العَجِيبَةُ الشَّأْنِ، البَدِيعَةُ المِثالِ، المُنْتَظِمَةُ لِغَرابَتِها في سِلْكِ الأمْثالِ في سُرْعَةِ تَقَضِّيها وانْصِرامِ نَعِيمِها غِبَّ إقْبالِها واغْتِرارِ النّاسِ بِها - بِحالِ ما عَلى الأرْضِ مِن أنْواعِ النَّباتِ في زَوالِ رَوْنَقِها ونَضارَتِها فَجْأةً، وذَهابِها حُطامًا، لَمْ يَبْقَ لَها أثَرٌ أصْلًا بَعْدَما كانَتْ غَضَّةً طَرِيَّةً، قَدِ التَفَّ بَعْضُها بِبَعْضٍ، وزُيِّنَتِ الأرْضُ بِألْوانِها، وتَقَوَّتْ بَعْدَ ضَعْفِها بِحَيْثُ طَمِعَ النّاسُ وظَنُّوا أنَّها سَلِمَتْ مِنَ الجَوائِحِ، ولَيْسَ المُشَبَّهُ بِهِ ما دَخَلَهُ الكافُ في قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: ﴿كَماءٍ أنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأرْضِ﴾ بَلْ ما يُفْهَمُ مِنَ الكَلامِ، فَإنَّهُ مِنَ التَّشْبِيهِ المُرَكَّبِ.
﴿مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ والأنْعامُ﴾ مِنَ البُقُولِ والزُّرُوعِ والحَشِيشِ ﴿حَتّى إذا أخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَها﴾ جُعِلَتِ الأرْضُ في تَزَيُّنِها بِما عَلَيْها مِن أصْنافِ النَّباتاتِ وأشْكالِها وألْوانِها المُخْتَلِفَةِ المُونِقَةِ آخِذَةً زُخْرُفَها عَلى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ بِالعَرُوسِ الَّتِي قَدْ أخَذَتْ مِن ألْوانِ الثِّيابِ والزِّيَنِ، فَتَزَيَّنَتْ بِها، و(ازَّيَّنَتْ) أصْلُهُ تَزَيَّنَتْ فَأُدْغِمَ، وقُرِئَ عَلى الأصْلِ، وقُرِئَ (وَأزْيَنَتْ) كَأغْيَلَتْ مِن غَيْرِ إعْلالٍ، والمَعْنى: صارَتْ ذاتَ زِينَةٍ، وازْيانَّتْ كابْياضَّتْ.
﴿وَظَنَّ أهْلُها أنَّهم قادِرُونَ عَلَيْها﴾ مُتَمَكِّنُونَ مِن حَصْدِها ورَفْعِ غَلَّتِها ﴿أتاها أمْرُنا﴾ جَوابُ (إذا) أيْ: ضَرَبَ زَرْعَها ما يَجْتاحُهُ مِنَ الآفاتِ والعاهاتِ ﴿لَيْلا أوْ نَهارًا فَجَعَلْناها﴾ أيْ: زَرْعَها وساءَ ما عَلَيْها ﴿حَصِيدًا﴾ أيْ: شَبِيهًا بِما حُصِدَ مِن أصْلِهِ ﴿كَأنْ لَمْ تَغْنَ﴾ كَأنْ لَمْ يَغْنَ زَرْعُها، والمُضافُ مَحْذُوفٌ لِلْمُبالَغَةِ، وقُرِئَ بِتَذْكِيرِ الفِعْلِ ﴿بِالأمْسِ﴾ أيْ: فِيما قَبْلُ بِزَمانٍ قَرِيبٍ، فَإنَّ الأمْسَ مَثَلٌ في ذَلِكَ،كَأنَّهُ قِيلَ: لَمْ تَغْنَ آنِفًا ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ: مِثْلَ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ البَدِيعِ ﴿نُفَصِّلُ الآياتِ﴾ أيِ: الآياتِ القرآنيَّةَ الَّتِي مِن جُمْلَتِها هَذِهِ الآياتُ المُنَبِّهَةُ عَلى أحْوالِ الحَياةِ الدُّنْيا، أيْ: نُوَضِّحُها ونُبَيِّنُها ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في تَضاعِيفِها، ويَقِفُونَ عَلى مَعانِيها، وتَخْصِيصُ تَفْصِيلِها بِهِمْ؛ لِأنَّهُمُ المُنْتَفِعُونَ بِها، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالآياتِ ما ذُكِرَ في أثْناءِ التَّمْثِيلِ مِنَ الكائِناتِ والفاسِداتِ، وبِتَفْصِيلِها تَصْرِيفُها عَلى التَّرْتِيبِ المَحْكِيِّ إيجادًا وإعْدامًا، فَإنَّها آياتٌ وعَلاماتٌ يَسْتَدِلُّ بِها مَن يَتَفَكَّرُ فِيها عَلى أحْوالِ الحَياةِ الدُّنْيا حالًا ومَآلًا.
{"ayah":"إِنَّمَا مَثَلُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا كَمَاۤءٍ أَنزَلۡنَـٰهُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا یَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَـٰمُ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّیَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَاۤ أَنَّهُمۡ قَـٰدِرُونَ عَلَیۡهَاۤ أَتَىٰهَاۤ أَمۡرُنَا لَیۡلًا أَوۡ نَهَارࣰا فَجَعَلۡنَـٰهَا حَصِیدࣰا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَ ٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق